ولد السّيّد عبد الملك الحوثي في 22 مايو 1979م، بمدينة صعدة شمال اليمن، عاش وتنقل في طفولته في منطقتي"مران" و"جمعة بني فاضل" مديرية حيدان. وقيل: إن عبد الملك قد تزوج وهو في سن الرابعة عشر.
وكان السّيّد عبد الملك الأصغر بين ثمانية إخوة.. كبر في عائلة متدينة تحت رقابة وثيقة من والده السّيد بدر الدين الحوثي، والذي كان يعد من أبرز المراجع الفقهية في المذهب الزيدي باليمن، والتي تتلمذ على يدها العشرات من رجال الدين، قبل أن يتحول للمذهب الجارودي، بعد إقامته في إيران خلال الفترة ما بين 1994 و2002. جده أمير الدين الحوثي واخ جده الحسن بن الحسين الحوثي من رجال الدين المعروفين في المنطقة.
دراسته:
كان السيد عبد الملك يتنقل منذ صغره مع اهله ووالده الذي كان يتنقل في وسط أرياف وقرى محافظة صعدة لتدريس العلوم الفقهية ولحل قضايا النزاعات بين الناس، ولم يدرس عبد الملك الدراسة النظامية، أو يحصل على أي شهادة علمية نظراً لعيشه في مناطق ريفية قد لا يتوفر فيها التعليم الحكومي، لكنه درس على يد والده الكتابة والعلوم الدينية وفق "المذهب الزيدي" في حلقات تدريس في مسجد القرية منذ سن مبكرة، وقيل أن والده خصص له منهجا تدريسيا خاصا عندما بلغ الثالثة عشر، فكان والده يقول عنه ""طارقة" (أي "علامة") وانه قطع شوطا متقدما في التحصيل الدراسي.
وبالرغم انه كان حارساً لأخيه إلا أنه قيل أنه تعلم في صنعاء ثقافة المدن المختلفة عن ثقافة القرى، وتفتحت مداركه للانتمائات الحزبية والجغرافية والايديولوجية والجانب السياسي، حسب ما ذكر "عابد المهذري" في مقالة صحفية له، وهو صحفي مقرب من السيد الحوثي وكتب سيرة ذاتية عن حياة السيد عبد الملك.
ورافق السّيّد عبد الملك الحوثي أباه بدر الدين الحوثي عقب نفيه من قبل السلطات اليمنية في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح إلى العاصمة الإيرانية طهران.
"الشباب المؤمن":
في منتصف التسعينيات ترك عبد الملك مسقط رأسه مدينة صعدة إلى العاصمة اليمنية صنعاء للعيش مع أخيه الأكبر السّيّد حسين الحوثي مؤسس جماعة "الشباب المؤمن" (لاحقا جماعة أنصار الله) وتأثر به كثيراً حتى صار فيما بعد بمثابة الأب الروحي له وقدوة له.
وعمل كحارس شخصي لأخيه حسين الذي كان آنذاك عضواً في البرلمان اليمني عن حزب الحق، وبالرغم من أنه كان حارسا لأخيه، إلا أنه قيل إنه تعلم في صنعاء ثقافة المدن المختلفة عن ثقافة القرى، وتفتحت مداركه للانتماءات الحزبية والجغرافية والأيديولوجية والجانب السياسي.
وعقب استشهاد حسين الحوثي مؤسس "الشباب المؤمن"، في 10 سبتمبر 2004، أصبح عبد الملك الحوثي، القائد لجماعة الحوثيين.
وعند تولي عبد الملك الحوثي، حدث خلاف كبير داخل التنظيم "الشباب المؤمن" في شأن من يتولى قيادتها، خاصة في ظل بروز القائد الميداني آنذاك عبد الله الرزامي، غير أن الاختيار وقع على عبد الملك الأصغر سنا والأقل خبرة، كقائد للجماعة نزولا على رغبة والده بدر الدين الحوثي.
أسس عام 2007 موقع المنبر الإلكتروني لنقل وجهة نظر حركته للعالم، وفي 23 مارس 2012 من أسس قناة المسيرة، وكان لتلك القناة الفضائية دور كبير في توصيل أفكار الجماعة وأفكار الرسالة الدينية لمؤسس الحركة حسين بدر الدين الحوثي إلى جمهور كبير وواسع في داخل اليمن بذات وأسهم ذلك بشكل جيد في تزايد أنصارهم.
الصراع مع السلطة:
بدأ اسمه يتردد كقائد للجماعة المتمردة خلال جولات الحرب في صعدة مع القوات الحكومية، فقد دخلت الحركة، في عهد «عبد الملك»، في سلسلة من الجولات الحربية المتقطعة مع القوات اليمنية، بين عامي 2004 و2010، قرب مقرهم الرئيسي في محافظة صعدة (شمال غرب)، كما خاض الحوثيون حربا ضد الجيش السعودي في 2010، في أعقاب توغلهم في أراضي المملكة.
تخفى عبد الملك الحوثي في منطقة نقعة وتجمع معه أنصاره فيها واندلعت الحرب الثانية في الفترة (مارس- مايو 2005) قتل خلالها حوالي 200 شخص، وعرض الرئيس حينها علي عبد صالح على الحوثيين تسليم أنفسهم مقابل العفو عنهم، ورفض الحوثيون واستمرت المعارك والمناوشات.
واتهمت الحكومة اليمنية الحوثي له بإنشاء تنظيم مسلح على غرار حزب الله، مع تلقيه في بداية 2005 من عبدالملك رسالة مكتوبة تحتوي على توجيهات وخطط للمواجهات مع الحكومة من أحد القادة العسكريين الإيرانيين.
وفي 2009 انتشرت شائعات قوية تقول بأن "عبد الملك الحوثي" قد قُتل في غارة جوية، ومعها تنفس المسئولون اليمنيون الصعداء بارتياح، إلا أنه عقب أيام قليلة، ظهر شريط فيديو للحوثي على قناة الجزيرة، المقطع الذي تم تصويره في غرفة مضاءة بشكل خافت، يُظهر شابًا بكتفين عريضين منحدرين، وشارب خافت، جالسًا على كرسي ويحمل ميكروفونًا في يده، كان أحد أسلحة الحوثي ملقى إلى جانبه بإهمال ويبدو مكسورًا، كان الرجل يبدو مستعدًّا وواثقًا من نفسه.
قبل فبراير 2011:
مع انتهاء الحرب السادسة بين الحوثيين والدولة وكانت آخر الحروب في ظل نظام صالح، أصبح السّيّد عبد الملك الحوثي أكثر حركة ونفوذا في شمال اليمن.
وقبيل ثورة فبراير، اتسمت خطابات السّيّد عبد الملك الحوثي بالصبغة الحماسية لقضايا الأمة الكبرى، المعادية للولايات المتحدة وللسعودية، وتدعو إلى إعطاء الزيديين حقوقهم الدينية، وكان البعد السياسي، نادر الوجود، إلا في محضر الحديث عن المظالم التي تعرضت لها الجماعة خلال السنوات العشر الماضية.
وبعد ثورة 2011، بدأ التحول يظهر شيئاً فشيئاً في خطابات الحوثي، لكن بعد 2014، تحول كل شيء، حتى صارت تلك الخطابات تأخذ صفة الزعامة، وبعد أن صار الحوثي أقوى الكيانات على الساحة، كان خطابه هو الأقوى، وظهرت في ثنايا تلك الخطابات مؤشرات التحول الذي طرأ على النزعة القيادية لدى الرجل، لم يعد الرجل يتحدث، ويتفاوض بعد سقوط صنعاء كزعيم لجماعة مسلحة، بل صارت تحركاته من منطلق أنه الرجل الأول في البلاد، وبدا مكينا، وحصيفاً حصافةً الزعماء، لا يكثر الظهور الإعلامي، لا يذهب ليفاوض، بل يأتي المفاوضون والوسطاء إليه، وكل تلك كانت مؤشرات على قدرته الفائقة على التكيف مع وضع الرجل الأول في البلاد.
بعد 2011:
بدأ السّيّد عبد الملك الحوثي بالظهور على الساحة بعد ثورة 11 فبراير 2011، خصوصا منذ بداية العام 2014، متجاوزا أسماء وهامات سياسية، ومدنية وعسكرية عريقة، وبطريقة جعلت من الكثيرين يعجزون عن تفسير هذه الظاهرة الشابة، وتقدير العوامل التي أفرزتها، سواء العوامل الشخصية، أو تلك غير الشخصية، كالبيئة السياسية والاجتماعية والمرجعية الفكرية.
وعلى حداثة سنة، تمكن السّيّد عبد الملك في وقت قصير من إحداث هزة عنيفة في موازين القوى السياسية في اليمن، حتى تمكن من فرض نفسه لاعباً أساسياً وقويّ في المعترك السياسي، سالباً ألباب الكثير من اليمنيين ممن رأوا فيه ذلك القائد الذي يستحق أن تعلق عليه الآمال، خصوصاً بعد غياب القائد الملهم الذي بإمكانه لفت الأنظار، وإحداث فرق في حياة المواطن، حتى ولو بالخطابات.
وبدأت حركة الحوثيين الانتشار والتوسع منذ ثورة الشباب اليمنية حيث إن الحوثيين أسهموا فيها وقاموا بالسيطرة على محافظة صعدة والعديد من المعسكرات فيها، وبدءوا بالتوسع نحو محافظة الجوف المجاورة لها، وشاركوا في الاعتصامات السلمية لشباب الثورة، وبعد توقيع القوى السياسية الرئيسة في اليمن على المبادرة الخليجية انتهج الحوثيون سياسة المعارضة للحكومة التي لم تثبت نجاحها- من وجهة نظرهم- على الواقع في اليمن، مما أسهم في زيادة شعبيتهم في اليمن حيث إنهم لم يكونوا طرفاً فيها ولم يكن لهم وزراء في حكومة باسندوة المكونة حسب اتفاق المبادرة الخليجية، بالرغم من وجود وزير للدولة في الحكومة محسوب على جماعة الحوثيين وهو حسن أحمد شرف الدين.
وفي 5 يناير 2012 كان داعما لإشهارها "حزب الأمة" الذراع السياسي لجماعة الحوثيين في الحياة السياسية اليمنية، وكأحد الأحزاب السياسية التي ستخوض غمار العمل السياسي.
كان له دور في أن يشارك الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني في مارس 2013م وقدم الحوثيون عدة مطالب لحل "قضية صعدة"، منها اعترافاً رسمياً من الحكومة اليمنية لمحافظة صعدة وسكانها عن الحروب التي شنتها السلطات السابقة في المحافظة.
التوسع:
مع بداية عام 2014، لعب السّيّد عبد الملك الحوثي دورا في سيطرة جماعة أنصار الله، على منطقة دماج ذات الأغلبية السلفية في محافظة صعدة شمال البلاد وتهجير السلفيين من المدينة، ومع خروج السلفيين من دماج، أحكم الحوثيون السيطرة على محافظة صعدة الحدودية مع السعودية؛ أول محافظة خرجت من سلطة الدولة عام 2011، وفي 8 يوليو 2014 سيطر الحوثي على محافظة عمران الشمالية بعد مواجهة مع الجيش.
وبعد سيطرة قوات الحوثي على عدة محافظات شمالية، اقتحمت الجماعة العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وسيطرت على عدد كبير من الوزارات الحكومية، والمنشآت العسكرية المهمة بقوة السلاح، وتمكنت من الظهور كلاعب قوي في معترك السياسة اليمنية، بعد أن أقصى معظم خصومه السياسيين من المشهد، وفي مقدمتهم حزب الإصلاح اليمني (الإخوان المسلمين).
احتجاجات 21 سبتمير:
في أغسطس 2014 بدأ يتوعد الدولة إن لم تستجب لمطالبه بإقالة الحكومة وإلغاء قرار رفع الدعم عن المحروقات، ودعا أنصاره للاعتصام على تخوم العاصمة صنعاء وداخلها.
ومع تصاعد الخلاف بينه وبين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي- الذي رفض الانصياع لمطالبه أو الجلوس للحوار بشأنها قبل فض الاعتصامات والانسحاب من الشوارع- دعا الحوثي أنصاره للعصيان المدني وهدد بتصعيد "مزعج".
وعقب تكليف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لمدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك خرج الحوثي ليرفض "بن مبارك" ويتراجع الرئيس هادي ويكلف المهندس خالد بحاح.
ولكن الأمور لم تتوقف عند ذلك وتصاعد صراع الحوثي والرئيس هادي، حتى سيطرة قواته على القصر الرئاسي والعديد من القواعد العسكرية، الخاصة بالحرس الجمهوري.
ثم خطابه الثلاثاء، والذي أكد فيها على سرعة تصحيح الهيئة الوطنية قبل أن تقوم بأي عمل، وسرعة تهذيب مسودة الدستور، وسرعة التنفيذ للشراكة وفق ما نص عليه اتفاق السلم والشراكة، والدخول الفوري في معالجة الوضع الأمني في البلاد ومعالجة الوضع في مأرب أيضا.
رؤيته لقضية الجنوب:
ساند الحوثي الحراك الجنوبي وأبناء المحافظات الجنوبية ودعموا القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني حيث رفض الطرفان مشروع الدولة الاتحادية ذي الستة أقاليم، وطالبوا بإقليمين شمالي وجنوبي فقط.
فوجود علاقة بين الحوثي والحراك الجنوبي، تأتي في إطار المظلومية لطرفين من قبل السلطة؛ بدليل وضع "القضية الجنوبية" على رأس جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني، وقضية صعدة كبند ثان.
علاقته بالإخوان:
سادت العلاقات بين الحوثي والإخوان التوتر في أغلب الأوقات، وكان هناك صراع وقتال دائم بين قوات الحوثي وميليشيات الإخوان، ولكن في رحلة كان هناك اتفاق سرعان ما عاد الصراع بين الجانبين مرة أخرى، ودائم الحوثي الهجوم على جماعة الإخوان معتبرة أنهم يتسترون على تنظيم القاعدة الإرهابي، ويصفهم بالتكفيريين.
علاقته بإيران:
تلعب إيران دورا قويا في صناعة الحوثي، من خلال التدريب والخبراء العسكريين والاستراتيجيين، كما يرفع الحوثي شعارات مقاربة للثورة الإسلامية في إيران، "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" واللعن على اليهود.
فخطابات السّيد عبد الملك الحوثي لم تخل من ذكر التآمر الأمريكي على الأمة، وكذا مشروع مقاومة أمريكا وإسرائيل، متقناً بذلك توظيف القضايا الكبرى، وجراحات الأمة العميقة، في إطار مشروع جماعته الذي بدأ يتضح جليًّا علاقته بالمشروع الإيراني في المنطقة، رغم إنكار زعيم الجماعة لذلك.
حزب الله:
لا يُخفي السّيد عبد الملك الحوثي إعجابه وتأثره الكبيرين بشخصية السّيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني؛ لذلك يلحظ المتابعون لخطابات الحوثي، ذلك التشابه الكبير بينه وبين حسن نصر الله، في ترتيب درجات الصوت، وفي حركات اليد، وحتى في بيئة الخطاب، وملابساته.
ولقد تمكن الحوثي بنجاح، من الاستفادة من المقدرة القيادية للسيد حسن نصر الله، واستطاع بذلك، وبالقضايا والشعارات التي تبناها، من الوصول إلى قلوب ربما مئات الآلاف، ممن وجدوا في شخصيته، مستراحاً من جدب القيادة التي تعانيه الدولة اليمنية.
علاقته بالسعودية:
اتسمت أغلب علاقته بالسعودية من القاعدة المذهبية، فوقعت معارك بين قوّات الحوثي والسعودية، ولكن شهدت اتصالات واتفاقات مع المسؤولين السعوديين في مرحلة من المراحل.
أمريكا:
في خطبة ألقاها في 2011 بعنوان "الثورة المبدعة"، اتهم الحوثي باراك أوباما بمحاولة خلق شرق أوسط جديد من خلال "سلاح الطائفية، إلا أن ذلك تم إحباطه بالربيع العربي" وفي خطاب آخر يتهم الحوثي السعودية بالتحريض على الطائفية والقبلية في المنطقة.
يعد أهم شعارت أنصار الله "الحوثيين" هي "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، ودائم الهجوم على الإدارة الأمريكية.
والآن يعتبر الحوثي المرشد الأعلى للثورة اليمنية، وفقا لرؤية مناصريه فهو القائد الملهم الذي يعبر عن رؤيتهم وقضاياهم.
ملاحظة:
أنصار اللّه هي حركة سياسية دينية اصلاحية، تأسست عام 1990، وكانت تُعرف باسم "تنظيم الشباب المؤمن"، الذي أسسه السيد حسين بدر الدين الحوثي ، وبعد استشهاده عام 2004 انتقلت القيادة الى والده، ومنه الى ابنه السيد عبد الملك الحوثي.
حاول النظام اليمني السابق طيلة السنين الماضية القضاء على أنصار الله، فشنّ عليها ستّة حروب، انتهت جميعها بالفشل ، ويواجه أنصار الله منذ عام 2014 حتى الساعة، الى جانب الجيش واللجان الشعبية عدوان التحالف العربي بقيادة السعودية.
ولادته:
ولد السّيّد عبد الملك الحوثي في 22 مايو 1979م، بمدينة صعدة شمال اليمن، عاش وتنقل في طفولته في منطقتي"مران" و"جمعة بني فاضل" مديرية حيدان. وقيل: إن عبد الملك قد تزوج وهو في سن الرابعة عشر.
وكان السّيّد عبد الملك الأصغر بين ثمانية إخوة.. كبر في عائلة متدينة تحت رقابة وثيقة من والده السّيد بدر الدين الحوثي، والذي كان يعد من أبرز المراجع الفقهية في المذهب الزيدي باليمن، والتي تتلمذ على يدها العشرات من رجال الدين، قبل أن يتحول للمذهب الجارودي، بعد إقامته في إيران خلال الفترة ما بين 1994 و2002. جده أمير الدين الحوثي واخ جده الحسن بن الحسين الحوثي من رجال الدين المعروفين في المنطقة.
دراسته:
كان السيد عبد الملك يتنقل منذ صغره مع اهله ووالده الذي كان يتنقل في وسط أرياف وقرى محافظة صعدة لتدريس العلوم الفقهية ولحل قضايا النزاعات بين الناس، ولم يدرس عبد الملك الدراسة النظامية، أو يحصل على أي شهادة علمية نظراً لعيشه في مناطق ريفية قد لا يتوفر فيها التعليم الحكومي، لكنه درس على يد والده الكتابة والعلوم الدينية وفق "المذهب الزيدي" في حلقات تدريس في مسجد القرية منذ سن مبكرة، وقيل أن والده خصص له منهجا تدريسيا خاصا عندما بلغ الثالثة عشر، فكان والده يقول عنه ""طارقة" (أي "علامة") وانه قطع شوطا متقدما في التحصيل الدراسي.
وبالرغم انه كان حارساً لأخيه إلا أنه قيل أنه تعلم في صنعاء ثقافة المدن المختلفة عن ثقافة القرى، وتفتحت مداركه للانتمائات الحزبية والجغرافية والايديولوجية والجانب السياسي، حسب ما ذكر "عابد المهذري" في مقالة صحفية له، وهو صحفي مقرب من السيد الحوثي وكتب سيرة ذاتية عن حياة السيد عبد الملك.
ورافق السّيّد عبد الملك الحوثي أباه بدر الدين الحوثي عقب نفيه من قبل السلطات اليمنية في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح إلى العاصمة الإيرانية طهران.
"الشباب المؤمن":
في منتصف التسعينيات ترك عبد الملك مسقط رأسه مدينة صعدة إلى العاصمة اليمنية صنعاء للعيش مع أخيه الأكبر السّيّد حسين الحوثي مؤسس جماعة "الشباب المؤمن" (لاحقا جماعة أنصار الله) وتأثر به كثيراً حتى صار فيما بعد بمثابة الأب الروحي له وقدوة له.
وعمل كحارس شخصي لأخيه حسين الذي كان آنذاك عضواً في البرلمان اليمني عن حزب الحق، وبالرغم من أنه كان حارسا لأخيه، إلا أنه قيل إنه تعلم في صنعاء ثقافة المدن المختلفة عن ثقافة القرى، وتفتحت مداركه للانتماءات الحزبية والجغرافية والأيديولوجية والجانب السياسي.
وعقب استشهاد حسين الحوثي مؤسس "الشباب المؤمن"، في 10 سبتمبر 2004، أصبح عبد الملك الحوثي، القائد لجماعة الحوثيين.
وعند تولي عبد الملك الحوثي، حدث خلاف كبير داخل التنظيم "الشباب المؤمن" في شأن من يتولى قيادتها، خاصة في ظل بروز القائد الميداني آنذاك عبد الله الرزامي، غير أن الاختيار وقع على عبد الملك الأصغر سنا والأقل خبرة، كقائد للجماعة نزولا على رغبة والده بدر الدين الحوثي.
أسس عام 2007 موقع المنبر الإلكتروني لنقل وجهة نظر حركته للعالم، وفي 23 مارس 2012 من أسس قناة المسيرة، وكان لتلك القناة الفضائية دور كبير في توصيل أفكار الجماعة وأفكار الرسالة الدينية لمؤسس الحركة حسين بدر الدين الحوثي إلى جمهور كبير وواسع في داخل اليمن بذات وأسهم ذلك بشكل جيد في تزايد أنصارهم.
الصراع مع السلطة:
بدأ اسمه يتردد كقائد للجماعة المتمردة خلال جولات الحرب في صعدة مع القوات الحكومية، فقد دخلت الحركة، في عهد «عبد الملك»، في سلسلة من الجولات الحربية المتقطعة مع القوات اليمنية، بين عامي 2004 و2010، قرب مقرهم الرئيسي في محافظة صعدة (شمال غرب)، كما خاض الحوثيون حربا ضد الجيش السعودي في 2010، في أعقاب توغلهم في أراضي المملكة.
تخفى عبد الملك الحوثي في منطقة نقعة وتجمع معه أنصاره فيها واندلعت الحرب الثانية في الفترة (مارس- مايو 2005) قتل خلالها حوالي 200 شخص، وعرض الرئيس حينها علي عبد صالح على الحوثيين تسليم أنفسهم مقابل العفو عنهم، ورفض الحوثيون واستمرت المعارك والمناوشات.
واتهمت الحكومة اليمنية الحوثي له بإنشاء تنظيم مسلح على غرار حزب الله، مع تلقيه في بداية 2005 من عبدالملك رسالة مكتوبة تحتوي على توجيهات وخطط للمواجهات مع الحكومة من أحد القادة العسكريين الإيرانيين.
وفي 2009 انتشرت شائعات قوية تقول بأن "عبد الملك الحوثي" قد قُتل في غارة جوية، ومعها تنفس المسئولون اليمنيون الصعداء بارتياح، إلا أنه عقب أيام قليلة، ظهر شريط فيديو للحوثي على قناة الجزيرة، المقطع الذي تم تصويره في غرفة مضاءة بشكل خافت، يُظهر شابًا بكتفين عريضين منحدرين، وشارب خافت، جالسًا على كرسي ويحمل ميكروفونًا في يده، كان أحد أسلحة الحوثي ملقى إلى جانبه بإهمال ويبدو مكسورًا، كان الرجل يبدو مستعدًّا وواثقًا من نفسه.
قبل فبراير 2011:
مع انتهاء الحرب السادسة بين الحوثيين والدولة وكانت آخر الحروب في ظل نظام صالح، أصبح السّيّد عبد الملك الحوثي أكثر حركة ونفوذا في شمال اليمن.
وقبيل ثورة فبراير، اتسمت خطابات السّيّد عبد الملك الحوثي بالصبغة الحماسية لقضايا الأمة الكبرى، المعادية للولايات المتحدة وللسعودية، وتدعو إلى إعطاء الزيديين حقوقهم الدينية، وكان البعد السياسي، نادر الوجود، إلا في محضر الحديث عن المظالم التي تعرضت لها الجماعة خلال السنوات العشر الماضية.
وبعد ثورة 2011، بدأ التحول يظهر شيئاً فشيئاً في خطابات الحوثي، لكن بعد 2014، تحول كل شيء، حتى صارت تلك الخطابات تأخذ صفة الزعامة، وبعد أن صار الحوثي أقوى الكيانات على الساحة، كان خطابه هو الأقوى، وظهرت في ثنايا تلك الخطابات مؤشرات التحول الذي طرأ على النزعة القيادية لدى الرجل، لم يعد الرجل يتحدث، ويتفاوض بعد سقوط صنعاء كزعيم لجماعة مسلحة، بل صارت تحركاته من منطلق أنه الرجل الأول في البلاد، وبدا مكينا، وحصيفاً حصافةً الزعماء، لا يكثر الظهور الإعلامي، لا يذهب ليفاوض، بل يأتي المفاوضون والوسطاء إليه، وكل تلك كانت مؤشرات على قدرته الفائقة على التكيف مع وضع الرجل الأول في البلاد.
بعد 2011:
بدأ السّيّد عبد الملك الحوثي بالظهور على الساحة بعد ثورة 11 فبراير 2011، خصوصا منذ بداية العام 2014، متجاوزا أسماء وهامات سياسية، ومدنية وعسكرية عريقة، وبطريقة جعلت من الكثيرين يعجزون عن تفسير هذه الظاهرة الشابة، وتقدير العوامل التي أفرزتها، سواء العوامل الشخصية، أو تلك غير الشخصية، كالبيئة السياسية والاجتماعية والمرجعية الفكرية.
وعلى حداثة سنة، تمكن السّيّد عبد الملك في وقت قصير من إحداث هزة عنيفة في موازين القوى السياسية في اليمن، حتى تمكن من فرض نفسه لاعباً أساسياً وقويّ في المعترك السياسي، سالباً ألباب الكثير من اليمنيين ممن رأوا فيه ذلك القائد الذي يستحق أن تعلق عليه الآمال، خصوصاً بعد غياب القائد الملهم الذي بإمكانه لفت الأنظار، وإحداث فرق في حياة المواطن، حتى ولو بالخطابات.
وبدأت حركة الحوثيين الانتشار والتوسع منذ ثورة الشباب اليمنية حيث إن الحوثيين أسهموا فيها وقاموا بالسيطرة على محافظة صعدة والعديد من المعسكرات فيها، وبدءوا بالتوسع نحو محافظة الجوف المجاورة لها، وشاركوا في الاعتصامات السلمية لشباب الثورة، وبعد توقيع القوى السياسية الرئيسة في اليمن على المبادرة الخليجية انتهج الحوثيون سياسة المعارضة للحكومة التي لم تثبت نجاحها- من وجهة نظرهم- على الواقع في اليمن، مما أسهم في زيادة شعبيتهم في اليمن حيث إنهم لم يكونوا طرفاً فيها ولم يكن لهم وزراء في حكومة باسندوة المكونة حسب اتفاق المبادرة الخليجية، بالرغم من وجود وزير للدولة في الحكومة محسوب على جماعة الحوثيين وهو حسن أحمد شرف الدين.
وفي 5 يناير 2012 كان داعما لإشهارها "حزب الأمة" الذراع السياسي لجماعة الحوثيين في الحياة السياسية اليمنية، وكأحد الأحزاب السياسية التي ستخوض غمار العمل السياسي.
كان له دور في أن يشارك الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني في مارس 2013م وقدم الحوثيون عدة مطالب لحل "قضية صعدة"، منها اعترافاً رسمياً من الحكومة اليمنية لمحافظة صعدة وسكانها عن الحروب التي شنتها السلطات السابقة في المحافظة.
التوسع:
مع بداية عام 2014، لعب السّيّد عبد الملك الحوثي دورا في سيطرة جماعة أنصار الله، على منطقة دماج ذات الأغلبية السلفية في محافظة صعدة شمال البلاد وتهجير السلفيين من المدينة، ومع خروج السلفيين من دماج، أحكم الحوثيون السيطرة على محافظة صعدة الحدودية مع السعودية؛ أول محافظة خرجت من سلطة الدولة عام 2011، وفي 8 يوليو 2014 سيطر الحوثي على محافظة عمران الشمالية بعد مواجهة مع الجيش.
وبعد سيطرة قوات الحوثي على عدة محافظات شمالية، اقتحمت الجماعة العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وسيطرت على عدد كبير من الوزارات الحكومية، والمنشآت العسكرية المهمة بقوة السلاح، وتمكنت من الظهور كلاعب قوي في معترك السياسة اليمنية، بعد أن أقصى معظم خصومه السياسيين من المشهد، وفي مقدمتهم حزب الإصلاح اليمني (الإخوان المسلمين).
احتجاجات 21 سبتمير:
في أغسطس 2014 بدأ يتوعد الدولة إن لم تستجب لمطالبه بإقالة الحكومة وإلغاء قرار رفع الدعم عن المحروقات، ودعا أنصاره للاعتصام على تخوم العاصمة صنعاء وداخلها.
ومع تصاعد الخلاف بينه وبين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي- الذي رفض الانصياع لمطالبه أو الجلوس للحوار بشأنها قبل فض الاعتصامات والانسحاب من الشوارع- دعا الحوثي أنصاره للعصيان المدني وهدد بتصعيد "مزعج".
وعقب تكليف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لمدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك خرج الحوثي ليرفض "بن مبارك" ويتراجع الرئيس هادي ويكلف المهندس خالد بحاح.
ولكن الأمور لم تتوقف عند ذلك وتصاعد صراع الحوثي والرئيس هادي، حتى سيطرة قواته على القصر الرئاسي والعديد من القواعد العسكرية، الخاصة بالحرس الجمهوري.
ثم خطابه الثلاثاء، والذي أكد فيها على سرعة تصحيح الهيئة الوطنية قبل أن تقوم بأي عمل، وسرعة تهذيب مسودة الدستور، وسرعة التنفيذ للشراكة وفق ما نص عليه اتفاق السلم والشراكة، والدخول الفوري في معالجة الوضع الأمني في البلاد ومعالجة الوضع في مأرب أيضا.
رؤيته لقضية الجنوب:
ساند الحوثي الحراك الجنوبي وأبناء المحافظات الجنوبية ودعموا القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني حيث رفض الطرفان مشروع الدولة الاتحادية ذي الستة أقاليم، وطالبوا بإقليمين شمالي وجنوبي فقط.
فوجود علاقة بين الحوثي والحراك الجنوبي، تأتي في إطار المظلومية لطرفين من قبل السلطة؛ بدليل وضع "القضية الجنوبية" على رأس جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني، وقضية صعدة كبند ثان.
علاقته بالإخوان:
سادت العلاقات بين الحوثي والإخوان التوتر في أغلب الأوقات، وكان هناك صراع وقتال دائم بين قوات الحوثي وميليشيات الإخوان، ولكن في رحلة كان هناك اتفاق سرعان ما عاد الصراع بين الجانبين مرة أخرى، ودائم الحوثي الهجوم على جماعة الإخوان معتبرة أنهم يتسترون على تنظيم القاعدة الإرهابي، ويصفهم بالتكفيريين.
علاقته بإيران:
تلعب إيران دورا قويا في صناعة الحوثي، من خلال التدريب والخبراء العسكريين والاستراتيجيين، كما يرفع الحوثي شعارات مقاربة للثورة الإسلامية في إيران، "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" واللعن على اليهود.
فخطابات السّيد عبد الملك الحوثي لم تخل من ذكر التآمر الأمريكي على الأمة، وكذا مشروع مقاومة أمريكا وإسرائيل، متقناً بذلك توظيف القضايا الكبرى، وجراحات الأمة العميقة، في إطار مشروع جماعته الذي بدأ يتضح جليًّا علاقته بالمشروع الإيراني في المنطقة، رغم إنكار زعيم الجماعة لذلك.
حزب الله:
لا يُخفي السّيد عبد الملك الحوثي إعجابه وتأثره الكبيرين بشخصية السّيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني؛ لذلك يلحظ المتابعون لخطابات الحوثي، ذلك التشابه الكبير بينه وبين حسن نصر الله، في ترتيب درجات الصوت، وفي حركات اليد، وحتى في بيئة الخطاب، وملابساته.
ولقد تمكن الحوثي بنجاح، من الاستفادة من المقدرة القيادية للسيد حسن نصر الله، واستطاع بذلك، وبالقضايا والشعارات التي تبناها، من الوصول إلى قلوب ربما مئات الآلاف، ممن وجدوا في شخصيته، مستراحاً من جدب القيادة التي تعانيه الدولة اليمنية.
علاقته بالسعودية:
اتسمت أغلب علاقته بالسعودية من القاعدة المذهبية، فوقعت معارك بين قوّات الحوثي والسعودية، ولكن شهدت اتصالات واتفاقات مع المسؤولين السعوديين في مرحلة من المراحل.
أمريكا:
في خطبة ألقاها في 2011 بعنوان "الثورة المبدعة"، اتهم الحوثي باراك أوباما بمحاولة خلق شرق أوسط جديد من خلال "سلاح الطائفية، إلا أن ذلك تم إحباطه بالربيع العربي" وفي خطاب آخر يتهم الحوثي السعودية بالتحريض على الطائفية والقبلية في المنطقة.
يعد أهم شعارت أنصار الله "الحوثيين" هي "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، ودائم الهجوم على الإدارة الأمريكية.
والآن يعتبر الحوثي المرشد الأعلى للثورة اليمنية، وفقا لرؤية مناصريه فهو القائد الملهم الذي يعبر عن رؤيتهم وقضاياهم.
ملاحظة:
أنصار اللّه هي حركة سياسية دينية اصلاحية، تأسست عام 1990، وكانت تُعرف باسم "تنظيم الشباب المؤمن"، الذي أسسه السيد حسين بدر الدين الحوثي ، وبعد استشهاده عام 2004 انتقلت القيادة الى والده، ومنه الى ابنه السيد عبد الملك الحوثي.
حاول النظام اليمني السابق طيلة السنين الماضية القضاء على أنصار الله، فشنّ عليها ستّة حروب، انتهت جميعها بالفشل ، ويواجه أنصار الله منذ عام 2014 حتى الساعة، الى جانب الجيش واللجان الشعبية عدوان التحالف العربي بقيادة السعودية.
ولادته:
ولد السّيّد عبد الملك الحوثي في 22 مايو 1979م، بمدينة صعدة شمال اليمن، عاش وتنقل في طفولته في منطقتي"مران" و"جمعة بني فاضل" مديرية حيدان. وقيل: إن عبد الملك قد تزوج وهو في سن الرابعة عشر.
وكان السّيّد عبد الملك الأصغر بين ثمانية إخوة.. كبر في عائلة متدينة تحت رقابة وثيقة من والده السّيد بدر الدين الحوثي، والذي كان يعد من أبرز المراجع الفقهية في المذهب الزيدي باليمن، والتي تتلمذ على يدها العشرات من رجال الدين، قبل أن يتحول للمذهب الجارودي، بعد إقامته في إيران خلال الفترة ما بين 1994 و2002. جده أمير الدين الحوثي واخ جده الحسن بن الحسين الحوثي من رجال الدين المعروفين في المنطقة.
دراسته:
كان السيد عبد الملك يتنقل منذ صغره مع اهله ووالده الذي كان يتنقل في وسط أرياف وقرى محافظة صعدة لتدريس العلوم الفقهية ولحل قضايا النزاعات بين الناس، ولم يدرس عبد الملك الدراسة النظامية، أو يحصل على أي شهادة علمية نظراً لعيشه في مناطق ريفية قد لا يتوفر فيها التعليم الحكومي، لكنه درس على يد والده الكتابة والعلوم الدينية وفق "المذهب الزيدي" في حلقات تدريس في مسجد القرية منذ سن مبكرة، وقيل أن والده خصص له منهجا تدريسيا خاصا عندما بلغ الثالثة عشر، فكان والده يقول عنه ""طارقة" (أي "علامة") وانه قطع شوطا متقدما في التحصيل الدراسي.
وبالرغم انه كان حارساً لأخيه إلا أنه قيل أنه تعلم في صنعاء ثقافة المدن المختلفة عن ثقافة القرى، وتفتحت مداركه للانتمائات الحزبية والجغرافية والايديولوجية والجانب السياسي، حسب ما ذكر "عابد المهذري" في مقالة صحفية له، وهو صحفي مقرب من السيد الحوثي وكتب سيرة ذاتية عن حياة السيد عبد الملك.
ورافق السّيّد عبد الملك الحوثي أباه بدر الدين الحوثي عقب نفيه من قبل السلطات اليمنية في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح إلى العاصمة الإيرانية طهران.
"الشباب المؤمن":
في منتصف التسعينيات ترك عبد الملك مسقط رأسه مدينة صعدة إلى العاصمة اليمنية صنعاء للعيش مع أخيه الأكبر السّيّد حسين الحوثي مؤسس جماعة "الشباب المؤمن" (لاحقا جماعة أنصار الله) وتأثر به كثيراً حتى صار فيما بعد بمثابة الأب الروحي له وقدوة له.
وعمل كحارس شخصي لأخيه حسين الذي كان آنذاك عضواً في البرلمان اليمني عن حزب الحق، وبالرغم من أنه كان حارسا لأخيه، إلا أنه قيل إنه تعلم في صنعاء ثقافة المدن المختلفة عن ثقافة القرى، وتفتحت مداركه للانتماءات الحزبية والجغرافية والأيديولوجية والجانب السياسي.
وعقب استشهاد حسين الحوثي مؤسس "الشباب المؤمن"، في 10 سبتمبر 2004، أصبح عبد الملك الحوثي، القائد لجماعة الحوثيين.
وعند تولي عبد الملك الحوثي، حدث خلاف كبير داخل التنظيم "الشباب المؤمن" في شأن من يتولى قيادتها، خاصة في ظل بروز القائد الميداني آنذاك عبد الله الرزامي، غير أن الاختيار وقع على عبد الملك الأصغر سنا والأقل خبرة، كقائد للجماعة نزولا على رغبة والده بدر الدين الحوثي.
أسس عام 2007 موقع المنبر الإلكتروني لنقل وجهة نظر حركته للعالم، وفي 23 مارس 2012 من أسس قناة المسيرة، وكان لتلك القناة الفضائية دور كبير في توصيل أفكار الجماعة وأفكار الرسالة الدينية لمؤسس الحركة حسين بدر الدين الحوثي إلى جمهور كبير وواسع في داخل اليمن بذات وأسهم ذلك بشكل جيد في تزايد أنصارهم.
الصراع مع السلطة:
بدأ اسمه يتردد كقائد للجماعة المتمردة خلال جولات الحرب في صعدة مع القوات الحكومية، فقد دخلت الحركة، في عهد «عبد الملك»، في سلسلة من الجولات الحربية المتقطعة مع القوات اليمنية، بين عامي 2004 و2010، قرب مقرهم الرئيسي في محافظة صعدة (شمال غرب)، كما خاض الحوثيون حربا ضد الجيش السعودي في 2010، في أعقاب توغلهم في أراضي المملكة.
تخفى عبد الملك الحوثي في منطقة نقعة وتجمع معه أنصاره فيها واندلعت الحرب الثانية في الفترة (مارس- مايو 2005) قتل خلالها حوالي 200 شخص، وعرض الرئيس حينها علي عبد صالح على الحوثيين تسليم أنفسهم مقابل العفو عنهم، ورفض الحوثيون واستمرت المعارك والمناوشات.
واتهمت الحكومة اليمنية الحوثي له بإنشاء تنظيم مسلح على غرار حزب الله، مع تلقيه في بداية 2005 من عبدالملك رسالة مكتوبة تحتوي على توجيهات وخطط للمواجهات مع الحكومة من أحد القادة العسكريين الإيرانيين.
وفي 2009 انتشرت شائعات قوية تقول بأن "عبد الملك الحوثي" قد قُتل في غارة جوية، ومعها تنفس المسئولون اليمنيون الصعداء بارتياح، إلا أنه عقب أيام قليلة، ظهر شريط فيديو للحوثي على قناة الجزيرة، المقطع الذي تم تصويره في غرفة مضاءة بشكل خافت، يُظهر شابًا بكتفين عريضين منحدرين، وشارب خافت، جالسًا على كرسي ويحمل ميكروفونًا في يده، كان أحد أسلحة الحوثي ملقى إلى جانبه بإهمال ويبدو مكسورًا، كان الرجل يبدو مستعدًّا وواثقًا من نفسه.
قبل فبراير 2011:
مع انتهاء الحرب السادسة بين الحوثيين والدولة وكانت آخر الحروب في ظل نظام صالح، أصبح السّيّد عبد الملك الحوثي أكثر حركة ونفوذا في شمال اليمن.
وقبيل ثورة فبراير، اتسمت خطابات السّيّد عبد الملك الحوثي بالصبغة الحماسية لقضايا الأمة الكبرى، المعادية للولايات المتحدة وللسعودية، وتدعو إلى إعطاء الزيديين حقوقهم الدينية، وكان البعد السياسي، نادر الوجود، إلا في محضر الحديث عن المظالم التي تعرضت لها الجماعة خلال السنوات العشر الماضية.
وبعد ثورة 2011، بدأ التحول يظهر شيئاً فشيئاً في خطابات الحوثي، لكن بعد 2014، تحول كل شيء، حتى صارت تلك الخطابات تأخذ صفة الزعامة، وبعد أن صار الحوثي أقوى الكيانات على الساحة، كان خطابه هو الأقوى، وظهرت في ثنايا تلك الخطابات مؤشرات التحول الذي طرأ على النزعة القيادية لدى الرجل، لم يعد الرجل يتحدث، ويتفاوض بعد سقوط صنعاء كزعيم لجماعة مسلحة، بل صارت تحركاته من منطلق أنه الرجل الأول في البلاد، وبدا مكينا، وحصيفاً حصافةً الزعماء، لا يكثر الظهور الإعلامي، لا يذهب ليفاوض، بل يأتي المفاوضون والوسطاء إليه، وكل تلك كانت مؤشرات على قدرته الفائقة على التكيف مع وضع الرجل الأول في البلاد.
بعد 2011:
بدأ السّيّد عبد الملك الحوثي بالظهور على الساحة بعد ثورة 11 فبراير 2011، خصوصا منذ بداية العام 2014، متجاوزا أسماء وهامات سياسية، ومدنية وعسكرية عريقة، وبطريقة جعلت من الكثيرين يعجزون عن تفسير هذه الظاهرة الشابة، وتقدير العوامل التي أفرزتها، سواء العوامل الشخصية، أو تلك غير الشخصية، كالبيئة السياسية والاجتماعية والمرجعية الفكرية.
وعلى حداثة سنة، تمكن السّيّد عبد الملك في وقت قصير من إحداث هزة عنيفة في موازين القوى السياسية في اليمن، حتى تمكن من فرض نفسه لاعباً أساسياً وقويّ في المعترك السياسي، سالباً ألباب الكثير من اليمنيين ممن رأوا فيه ذلك القائد الذي يستحق أن تعلق عليه الآمال، خصوصاً بعد غياب القائد الملهم الذي بإمكانه لفت الأنظار، وإحداث فرق في حياة المواطن، حتى ولو بالخطابات.
وبدأت حركة الحوثيين الانتشار والتوسع منذ ثورة الشباب اليمنية حيث إن الحوثيين أسهموا فيها وقاموا بالسيطرة على محافظة صعدة والعديد من المعسكرات فيها، وبدءوا بالتوسع نحو محافظة الجوف المجاورة لها، وشاركوا في الاعتصامات السلمية لشباب الثورة، وبعد توقيع القوى السياسية الرئيسة في اليمن على المبادرة الخليجية انتهج الحوثيون سياسة المعارضة للحكومة التي لم تثبت نجاحها- من وجهة نظرهم- على الواقع في اليمن، مما أسهم في زيادة شعبيتهم في اليمن حيث إنهم لم يكونوا طرفاً فيها ولم يكن لهم وزراء في حكومة باسندوة المكونة حسب اتفاق المبادرة الخليجية، بالرغم من وجود وزير للدولة في الحكومة محسوب على جماعة الحوثيين وهو حسن أحمد شرف الدين.
وفي 5 يناير 2012 كان داعما لإشهارها "حزب الأمة" الذراع السياسي لجماعة الحوثيين في الحياة السياسية اليمنية، وكأحد الأحزاب السياسية التي ستخوض غمار العمل السياسي.
كان له دور في أن يشارك الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني في مارس 2013م وقدم الحوثيون عدة مطالب لحل "قضية صعدة"، منها اعترافاً رسمياً من الحكومة اليمنية لمحافظة صعدة وسكانها عن الحروب التي شنتها السلطات السابقة في المحافظة.
التوسع:
مع بداية عام 2014، لعب السّيّد عبد الملك الحوثي دورا في سيطرة جماعة أنصار الله، على منطقة دماج ذات الأغلبية السلفية في محافظة صعدة شمال البلاد وتهجير السلفيين من المدينة، ومع خروج السلفيين من دماج، أحكم الحوثيون السيطرة على محافظة صعدة الحدودية مع السعودية؛ أول محافظة خرجت من سلطة الدولة عام 2011، وفي 8 يوليو 2014 سيطر الحوثي على محافظة عمران الشمالية بعد مواجهة مع الجيش.
وبعد سيطرة قوات الحوثي على عدة محافظات شمالية، اقتحمت الجماعة العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وسيطرت على عدد كبير من الوزارات الحكومية، والمنشآت العسكرية المهمة بقوة السلاح، وتمكنت من الظهور كلاعب قوي في معترك السياسة اليمنية، بعد أن أقصى معظم خصومه السياسيين من المشهد، وفي مقدمتهم حزب الإصلاح اليمني (الإخوان المسلمين).
احتجاجات 21 سبتمير:
في أغسطس 2014 بدأ يتوعد الدولة إن لم تستجب لمطالبه بإقالة الحكومة وإلغاء قرار رفع الدعم عن المحروقات، ودعا أنصاره للاعتصام على تخوم العاصمة صنعاء وداخلها.
ومع تصاعد الخلاف بينه وبين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي- الذي رفض الانصياع لمطالبه أو الجلوس للحوار بشأنها قبل فض الاعتصامات والانسحاب من الشوارع- دعا الحوثي أنصاره للعصيان المدني وهدد بتصعيد "مزعج".
وعقب تكليف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لمدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك خرج الحوثي ليرفض "بن مبارك" ويتراجع الرئيس هادي ويكلف المهندس خالد بحاح.
ولكن الأمور لم تتوقف عند ذلك وتصاعد صراع الحوثي والرئيس هادي، حتى سيطرة قواته على القصر الرئاسي والعديد من القواعد العسكرية، الخاصة بالحرس الجمهوري.
ثم خطابه الثلاثاء، والذي أكد فيها على سرعة تصحيح الهيئة الوطنية قبل أن تقوم بأي عمل، وسرعة تهذيب مسودة الدستور، وسرعة التنفيذ للشراكة وفق ما نص عليه اتفاق السلم والشراكة، والدخول الفوري في معالجة الوضع الأمني في البلاد ومعالجة الوضع في مأرب أيضا.
رؤيته لقضية الجنوب:
ساند الحوثي الحراك الجنوبي وأبناء المحافظات الجنوبية ودعموا القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني حيث رفض الطرفان مشروع الدولة الاتحادية ذي الستة أقاليم، وطالبوا بإقليمين شمالي وجنوبي فقط.
فوجود علاقة بين الحوثي والحراك الجنوبي، تأتي في إطار المظلومية لطرفين من قبل السلطة؛ بدليل وضع "القضية الجنوبية" على رأس جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني، وقضية صعدة كبند ثان.
علاقته بالإخوان:
سادت العلاقات بين الحوثي والإخوان التوتر في أغلب الأوقات، وكان هناك صراع وقتال دائم بين قوات الحوثي وميليشيات الإخوان، ولكن في رحلة كان هناك اتفاق سرعان ما عاد الصراع بين الجانبين مرة أخرى، ودائم الحوثي الهجوم على جماعة الإخوان معتبرة أنهم يتسترون على تنظيم القاعدة الإرهابي، ويصفهم بالتكفيريين.
علاقته بإيران:
تلعب إيران دورا قويا في صناعة الحوثي، من خلال التدريب والخبراء العسكريين والاستراتيجيين، كما يرفع الحوثي شعارات مقاربة للثورة الإسلامية في إيران، "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" واللعن على اليهود.
فخطابات السّيد عبد الملك الحوثي لم تخل من ذكر التآمر الأمريكي على الأمة، وكذا مشروع مقاومة أمريكا وإسرائيل، متقناً بذلك توظيف القضايا الكبرى، وجراحات الأمة العميقة، في إطار مشروع جماعته الذي بدأ يتضح جليًّا علاقته بالمشروع الإيراني في المنطقة، رغم إنكار زعيم الجماعة لذلك.
حزب الله:
لا يُخفي السّيد عبد الملك الحوثي إعجابه وتأثره الكبيرين بشخصية السّيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني؛ لذلك يلحظ المتابعون لخطابات الحوثي، ذلك التشابه الكبير بينه وبين حسن نصر الله، في ترتيب درجات الصوت، وفي حركات اليد، وحتى في بيئة الخطاب، وملابساته.
ولقد تمكن الحوثي بنجاح، من الاستفادة من المقدرة القيادية للسيد حسن نصر الله، واستطاع بذلك، وبالقضايا والشعارات التي تبناها، من الوصول إلى قلوب ربما مئات الآلاف، ممن وجدوا في شخصيته، مستراحاً من جدب القيادة التي تعانيه الدولة اليمنية.
علاقته بالسعودية:
اتسمت أغلب علاقته بالسعودية من القاعدة المذهبية، فوقعت معارك بين قوّات الحوثي والسعودية، ولكن شهدت اتصالات واتفاقات مع المسؤولين السعوديين في مرحلة من المراحل.
أمريكا:
في خطبة ألقاها في 2011 بعنوان "الثورة المبدعة"، اتهم الحوثي باراك أوباما بمحاولة خلق شرق أوسط جديد من خلال "سلاح الطائفية، إلا أن ذلك تم إحباطه بالربيع العربي" وفي خطاب آخر يتهم الحوثي السعودية بالتحريض على الطائفية والقبلية في المنطقة.
يعد أهم شعارت أنصار الله "الحوثيين" هي "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، ودائم الهجوم على الإدارة الأمريكية.
والآن يعتبر الحوثي المرشد الأعلى للثورة اليمنية، وفقا لرؤية مناصريه فهو القائد الملهم الذي يعبر عن رؤيتهم وقضاياهم.
ملاحظة:
أنصار اللّه هي حركة سياسية دينية اصلاحية، تأسست عام 1990، وكانت تُعرف باسم "تنظيم الشباب المؤمن"، الذي أسسه السيد حسين بدر الدين الحوثي ، وبعد استشهاده عام 2004 انتقلت القيادة الى والده، ومنه الى ابنه السيد عبد الملك الحوثي.
حاول النظام اليمني السابق طيلة السنين الماضية القضاء على أنصار الله، فشنّ عليها ستّة حروب، انتهت جميعها بالفشل ، ويواجه أنصار الله منذ عام 2014 حتى الساعة، الى جانب الجيش واللجان الشعبية عدوان التحالف العربي بقيادة السعودية.